بقلم: عباس الرمساوي
أيام مضت على اعادة تويتر لتفعيل خدمة الشارات الزرقاء التي تظهر بجانب بعض حسابات المستخدمين، والمعروفة إعلامياً باسم “التوثيق” بعد ان أوقفتها قبل اسابيع، بعد ان اثارت ضجة كبيرة كواحدة من الافكار الغريبة التي أتى بها مالك تويتر الجديد “ايلون ماسك” إلى عالم منصات التواصل الاجتماعي.
أولاً، لنتفق أن ايلون ماسك هو واحد من أكثر الشخصيات عبقرية في زماننا، ومع ذلك فليس من الضرورة أن ينجح في كل شيئ، ففي خضم سعيه لجمع الأموال عبر منصة تويتر تفتق ذهنه بجمع مبلغ 8 دولار أمريكي من كل مستخدم يريد وضع اشارة زرقاء على جانب اسمه على حساب تويتر. ولكن و بعد أن أتاح ماسك الخدمة لمن هب ودب دون قيود، تسبب التكاثر المفاجئ للعلامات الزرقاء بفوضى عارمة على تويتر ولم يعد من الممكن تمييز الحسابات الموثقة الحقيقية من الحسابات التي تضع العلامة الزرقاء المدفوعة، كما تسببت بكوارث على بعض الشركات التي جرى انتحال علامتها التجارية على تويتر، والتغريد باسمها بأخبار ملفقة، مما دفع إدارة تويتر لإيقاف خدمة التوثيق بشكلها الساذج ذاك فورا.
لكن قبل ايام، أعادت تويتر تفعيل تلك الخدمة بشروط مبسطة ولفئة معينة من الحسابات، مع تمييز لون الشارة التي تظهر إلى جانب حسابات الشركات لتصبح بلون أصفر، على أن تصبح الشارة رمادية في حال كان الحساب تابعاً لجهة حكومية.
لكن الفكرة الأساسية ظلت كما هي، وهي فكرة “الدفع مقابل التوثيق” ولهذا السبب، لم يعد من المنطقي اطلاق وصف “توثيق” على العلامة الزرقاء التي يتم منحها فقط بمقابل مادي دون اجراء عملية تحقق شامل من صاحب الحساب أو من شخصيته، ودون تقديم مستندات شخصية أو اثباتات لملكية الحساب، بل هي عملية “تمييز” للحسابات المدفوعة مع تقديم بعض المميزات البسيطة لصاحب الحساب مثل التراجع عن التغريدات وإمكانية تعديلها بعد نشرها، بالإضافة إلى مميزات أخرى وعدت تويتر بتقديمها لمشتركي الخدمة لاحقاً.
حسناَ، هل توثيق الحساب يستحق دفع ذلك المبلغ؟
إذا كنت مغرداً أو متابعاً للأخبار وحسب، فلا يوجد اي داعي لوضع 8 دولارات شهرياً في جيب أيلون ماسك مقابل مميزات قد لا تحتاجها.
أما إذا كنت صحفياً أو صانع محتوى ذى قيمة وفائدة للجمهور وتحب أن يظهر محتواك بشكل بارز دائماً، فلا بأس من تجربة الخدمة لفترة حتى تختبر فائدتها لك ولجمهورك، وستزيد تلك الفائدة أن كان حسابك يمثل مؤسسة أو نشاطاً تجارياً، حيث كما يمكنك الاستفادة من خاصية مقاطع الفيديو ذات الجودة العالية لنشر مواد ترويجية لمنتجاتك وخدماتك، كما أن الاشتراك بخدمة “بلو” بالاضافة الى عوامل أخرى، ستظهر حرصك أو حرص مؤسستك على الظهور بأفضل شكل ممكن أمام المستخدمين، مما يعطي انطباعاً أنك حريص على تسويق نفسك ومؤسستك على أكبر شريحة ممكنة من الجمهور ولو عبر الاعتناء بتفاصيل صغيرة كتلك.
حسناً، تلك خصائص ومميزات جميلة مفيدة للأفراد والشركات لإظهار محتواهم بشكل أفضل، ولكن لماذا هذا التميز ليس مجانياً !؟
مالم ينتبه إليه الكثيرون هو أن ماسك سيؤسس لثقافة جديدة عند منصات التواصل الاجتماعي، والتي ستحذو حذوه – بشكل أو بآخر، وهي سياسة (الدفع مقابل الظهور) ولن يكون سهلاً أن تبرز حسابك على منصة تواصل اجتماعي ما، ما لم تدفع المال مقابل ذلك !