ونقل التلفزيون السعودي الرسمي، الخميس، عن مصادر في وزارة الخارجية السعودية تأكيدها بأن “الرياض تجري محادثات مع سوريا لاستئناف تقديم الخدمات القنصلية”.
وبحسب المصدر فإنه “في إطار حرص السعودية على تسهيل تقديم الخدمات القنصلية الضرورية للشعبين، فإن البحث جار بين المسؤولين في الرياض ونظرائهم في دمشق حول استئناف تقديم الخدمات القنصلية”.
القرار السعودي جاء بعد زيارة قام بها مسؤول سوري لم تكشف هويته للرياض بحث خلالها، ووفقاً لـ”رويترز”، إعادة فتح السفارات بين البلدين.
وقالت مصادر متقاطعة إن “المسؤول السوري مكث لأيام في الرياض وأجرى مباحثات معمقة تناولت مختلف القضايا بين الجانبين”.
ورغم إشارة جميع المصادر إلى أن “المسؤول السوري هو شخصية أمنية وتحديدا مدير المخابرات العامة السورية اللواء حسام لوقا”، غير أن مصادر بينت لـ”العين الإخبارية” أن “مسؤلاً سياسياً سوريا زار السعودية أيضاً مؤخرا، وهو شخصية سياسية دبلوماسية كلفت بمتابعة هذا الملف”.
عودة العلاقات السعودية السورية ستكون بحسب مراقبين التطور الأهم على طريق إعادة سوريا للجامعة العربية، بعد الخطوة الإماراتية التي بدأت عام 2018 بفتح سفارة الإمارات في دمشق وما تبعها من خطوات إماراتية كبيرة توجت بزيارات رسمية بين مسؤولي البلدين.
كان آخرها الزيارة الرسمية للرئيس بشار الأسد لدولة في 19 مارس/آذار المضاضي وقبلها بعام في نفس التوقيت، والتي حضر فيها عنوان “العلاقات العربية العربية” كأحد العناوين الرئيسية في هذه المباحثات.
لكن استعادة العلاقات السورية السعودية لم يكن بطبيعة الحال وليد اللحظة، حيث سبقته خطوات عملية، بدأتها روسيا عام 2015 التي دخلت على خط الوساطة.
وتداولت وسائل الإعلام وقتها لقاء جرى ترتيبه في جدة بين رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك، ومسؤولين سعوديين، دون أن تخرج أي بيانات رسمية عن الجانبين تؤكد أو تنفي هذه التقارير.
المحاولات الروسية لاعادة الزخم للعلاقات بين الدول العربية وسوريا لم تتوقف، وصرح المسؤولين الروس عن هذه المحاولات ورغبتهم بعودة سورية للجامعة العربية، لكن هذه المحاولات بقيت حبيسة الغرف الدبلوماسية دون إحراز أي تقدم يستدعي الإعلان عنه رسميا.
وظلت العلاقات السعودية السورية تسير بخطى بطيئة مهدت لها زيارات رسمية لوزراء ومسؤولين سوريين شاركوا بمؤتمرات أقيمت في السعودية وسعى كلا الجانبين لإبعاد الصبغة السياسية عنها.
بالمقابل بدا أن دولاً عربية وعلى رأسها دولة الإمارات وسلطنة عمان، تسعى وبصورة جدية لعودة العلاقات العريية إلى سابق عهدها حيث حضر العنوان العربي في جميع اللقاءات الرسمية بين المسؤولين الإماراتيين والسوريين.
وكتب الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات على “تويتر” بعد اختتام الرئيس السوري بشار الأسد زيارته الرسمية لدولة الإمارات ولقائه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، إن “موقف الإمارات واضح بشأن ضرورة عودة سوريا إلى محيطها عبر تفعيل الدور العربي، وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد خلال استقباله اليوم الرئيس بشار الأسد”.
وتابع: “يكفي عقد ونيف من الحرب والعنف والدمار وحان الوقت لتعزيز تعاون وتعاضد دولنا العربية لضمان استقرار وازدهار المنطقة”.
وأكد أنّ “نهج دولة الإمارات وجهودها نحو سوريا الشقيقة جزء من رؤية أعمق ومقاربة أوسع هدفها تعزيز الاستقرار العربي والإقليمي وتجاوز سنوات صعبة من المواجهة”.
وتابع: “أثبتت الأحداث المرتبطة بعقد الفوضى وتداعياتها أن عالمنا العربي أولى بالتصدي لقضاياه وأزماته بعيداً عن التدخلات الإقليمية والدولية”.
تصريحات متبادلة تمهد استئناف العلاقات
وكشفت التصريحات الرسمية السورية والسعودية المتتالية مؤخرا عن فتح باب الحوار بين الجانبين السوري والسعودي.
وأكد الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء مع وسائل إعلام روسية أن “الاتفاق الإيراني السعودي مفاجأة رائعة، وأن ذلك سينعكس إيجاباً على المنطقة بشكل عام، وبأن هذا الاتفاق سيؤثر بالتأكيد على سوريا”.
ولفت إلى أن “السياسة السعودية اتخذت منحى مختلف تجاه دمشق منذ سنوات، ولم تتدخل في شؤون سوريا الداخلية كما أنها لم تدعم أيا من الفصائل”.
هذه التصريحات التي لاقتها السعودية عبر وزير خارجيتها فيصل بن فرحان، الذي اعتبر أن “زيادة التواصل مع سوريا قد يمهد الطريق لعودتها إلى جامعة الدول العربية مع تحسن العلاقات بعد عزلة تجاوزت 10 سنوات”.
اللافت في البيان الرسمي السعودي هو إشارته إلى عودة الخدمات القنصلية بين دمشق والرياض ولم يشر إلى إعادة فتح السفارات، الأمر الذي ربطه المحلل والباحث السياسي السوري كمال جفا بخارطة طريق جرى البحث فيها خلال الجولات المكوكية التي قام بها وفد أمني سوري رفيع المستوى للسعودية.
وتابع: “جرى خلال تلك الجولات إقرار خارطة طريق ستؤدي لإعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين تدريجيا على أسس سليمة ومتينة”.