top of page

أزمة الجنيه تغذي صعود التضخم في مصر إلى مستوى قياسي جديد


أزمة الجنيه تغذي صعود التضخم في مصر إلى مستوى قياسي جديد

واصل التضخم في مصر ارتفاعه على أساس سنوي، إثر صدمات أزمة الدولار التي تعيشها البلاد وأدت إلى انزلاق قيمة الجنيه ثلاث مرات منذ مارس 2022، إذ جاء معدل التضخم في أغسطس الماضي مرتفعاً إلى 39.7 في المئة مقابل 15.3 في المئة للشهـر نفسه من العام السابق، في حين أظهر مؤشره الشهري تباطؤاً عند المقارنة بشهري يوليو ويونيو الماضيين.


وفق بيانات رسمية من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر اليوم، جاء التضخم المتنامي مدفوعاً بارتفاعات قاربت 100 في المئة، أسعار مجموعة اللحوم والدواجن التي سجلت زيادة نسبتها 97 في المئة، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية التي ارتفعت 85.9 في المئة، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 69.5 في المئة، إلى جانب مجموعة الخضروات التي ارتفعت على أساس سنوي الشهر الماضي، لتسجل 98.4 في المئة.

وأمام ارتفاع نسبته 77.8 في المئة في مجموعة البن والشاي والكاكاو، وآخر بنسبة 62 في المئة بمجموعة الفاكهة، و39.8 في المئة بمجموعة السكر والأغذية السكرية، جاء قسم الطعام والمشروبات الدافع الأول لصعود مؤشر التضخم على أساس سنوي، متضمناً أيضاً ارتفاعاً بنسبة 48.6 في المئة بمجموعة الحبوب والخبز، و30.1 في المئة في مجموعة الزيوت والدهون.


تعويم الجنيه المصري


ومنذ مارس من العام الماضي عومت القاهرة سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار ثلاث مرات، إذ تراجع السعر من 15.75 جنيه للدولار في نهاية الربع الأول من العام الماضي، إلى متوسط 30.85 جنيه للعملة الأميركية في سبتمبر الجاري، في وقت ظلت فيه السوق السوداء للعملة محتفظة بأسعار أعلى للدولار الأميركي أمام الجنيه عند مستوى 40 جنيهاً (1.29 دولار بالسعر الرسمي)، إثر موجة من هرب 20 مليار دولار من الأموال السخنة، نتيجة التشديد النقدي الذي مارسته البنوك المركزية، وفي مقدمتها بنك الاحتياطي الفيدرالي، نهاية عام 2021.

وعلى أساس شهري، يسجل بيان جهاز الإحصاء المصري، تباطؤاً في معدل التضخم الشهري بارتفاع نسبته 1.6 في المئة الشهر الماضي، مقابل 1.9 في المئة في يوليو و2.1 في المئة في يونيو 2023، برقم قياسي عام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية مقداره 184 نقطة في أغسطس 2023، لأسباب من بينها ارتفاع مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 0.3 في المئة، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة ثلاثة في المئة، ومجموعة الزيوت والدهون بنسبة 0.2 في المئة، وأربعة في المئة بمجموعة الفاكهة و22.4 في المئة بمجموعة الخضروات في حين جاءت الزيادة في أسعار مجموعة السكر والأغذية السكرية على أساس شهري بنسبة اثنين في المئة، ومجموعة البن والشاي والكاكاو بنسبة 1.5 في المئة.

الصورة الأدق التي يكشفها البيان الرسمي لمقدار تغير أسعار السلع والخدمات في مصر، يمكن ملاحظتها عند الوقوف على معدل التضخم على أساس سنوي، فالسجائر ومنتجات التدخين كمثال، ارتفعت 57.6 في المئة على أساس سنوي، وكذلك الملابس والأحذية ارتفعت 23.6 في المئة بسبب الزيادة المسجلة في أسعار مجموعة الأقمشة بنحو 44.4 في المئة، بينما كانت الزيادة في أسعار الوجبات الجاهزة أعظم، إذ ارتفعت49.7 في المئة، لترفع بدورها تضخم قسم المطاعم والفنادق إلى 49.5 في المئة.


توقعات متفائلة سابقاً


وحمل استطلاع أجرته وكالة "رويترز" منتصف الأسبوع الماضي، توقعات لـ14 محللاً، بارتفاع معدل التضخم في مصر إلى 37.1 في المئة خلال أغسطس 2023، وهو ما يأتي دون الأرقام الرسمية المسجلة التي تظهر ارتفاع التضخم في البلاد إلى 39.7 في المئة، لكن هذه النظرة المتفائلة بنيت على أساس انخفاض أسعار القمح العالمية، والاستقرار النسبي في سعر الدولار في سوق الصرف الموازية.

ووفق البيانات المعلنة رسمياً اليوم، شكلت فواتير الإيجار والمياه والغاز والكهرباء والوقود ضغوطاً أخرى، إذ سجلت مجتمعة 7.2 في المئة، في حين سجل قسم الأثاث والتجهيزات والمعدات المنزلية والصيانة ارتفاعاً قدره 42 في المئة، بسبب ارتفاع أسعار مجموعة الأثاث والتجهيزات والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 36.4 في المئة، ومجموعة الأجهزة المنزلية بنسبة 54.9 في المئة، في حين ارتفعت أسعار خدمات الرعاية الصحية 22.8 في المئة، بسبب ارتفاع أسعار مجموعة المنتجات والأجهزة والمعدات الطبية بنسبة 20 في المئة ومجموعة خدمات المستشفيات بنسبة 31 في المئة، وسجل قسم النقل والمواصلات ارتفاعاً قدره 15.2 في المئة بسبب ارتفاع أسعار مجموعة شراء المركبات بنسبة 39.5 في المئة، ومجموعة المنفق على النقل الخاص بنسبة 12.5 في المئة.

على أساس سنوي، يشير بيان "المركزي للتعبئة والإحصاء" إلى ارتفاع أسعار خدمات قسم الاتصالات السلكية واللاسلكية قدره 1.6 في المئة بسبب ارتفاع أسعار مجموعة خدمات البريد بنسبة 16.7 في المئة، وبنسبة أقل، جاءت ارتفاعات أسعار خدمات قسم الثقافة والترفيه بنحو 27.9 في المئة بسبب ارتفاع أسعار الصحف والكتب والأدوات الكتابية بنسبة 50.5 في المئة، ومجموعة الرحلات السياحية المنظمة بنسبة 5.4 في المئة، وسجلت الزيادة في أسعار قسم التعليم ثباتاً عند ارتفاع سنوي قدره 7.7 في المئة، بسبب ارتفاع أسعار مجموعة التعليم قبل الابتدائي والتعليم الأساسي بنسبة 8.5 في المئة، ومجموعة التعليم الثانوي العام والفني بنسبة 3.5 في المئة، ومجموعة التعليم العالي بنسبة 15.1 في المئة، في حين سجل قسم السلع والخدمات المتنوعة ارتفاعاً قدره 29.8 في المئة بسبب ارتفاع أسعار مجموعة العناية الشخصية بنسبة 35.9 في المئة، ومجموعة الأمتعة الشخصية بنسبة 48.7 في المئة.

ورفعت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، 11 في المئة منذ مارس 2022، ليستقر الأول عند 19.25 في المئة والثاني عند 20.25 في المئة، في مسعى كبح جماح التضخم والسيطرة عليه، باستيعاب مسبباته، على رغم إقرار اللجنة التي يرأسها محافظ البنك المركزي المصري، بأن التضخم في البلاد آت من ارتفاع الأسعار العالمية للسلع والطاقة، وأن تحركات الفائدة في مصر تتسق واتجاه البنوك المركزية لتقييد الأوضاع المالية بشكل عام، ويستهدف "المركزي المصري" النزول بمعدلات التضخم إلى مستوى سبعة في المئة ± اثنين نقطة مئوية في المتوسط بحلول الربع الرابع من العام المقبل، وخمسة في المئة ± اثنين نقطة مئوية في المتوسط بحلول الربع الرابع من عام 2026.

لكن "المركزي" بدا متفائلاً في بيانه الشهر الماضي، ببلوغ ذروة التضخم في النصف الثاني من العام الحالي، وهو ما يعني معاودة أخذ المسار التصاعدي للتضخم مساراً آخر هبوطياً، مدعوماً بسياسات نقدية تقييدية، وتوقعات اقتصادية يضعها صناع السياسة النقدية في البلاد نصب أعينهم.

٠ تعليق

Comments


bottom of page