يبدو أن انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) قد يتأجل حتى العام المقبل، بعدما ارتفعت شروط الحكومة التركية للموافقة على عضويتها إلى 4 مطالب، بعضها يتعلق بالحرب الدائرة في قطاع غزة.
ويرصد محلل سياسي تركي وباحثة أميركية لموقع "سكاي نيوز عربية"، حظوظ هذه الشروط الأربعة في التطبيق، ولماذا هذه الشروط في التوقيت الحالي بالتحديد.
أول هذه الشروط أعلنها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الجمعة، بربط مصادقة تركيا على عضوية السويد في حلف "الناتو"، بموافقة "متزامنة" من الكونغرس الأميركي على بيع طائرات "إف-16" لأنقرة.
وقال أردوغان: "كندا لا تتحدث سوى عن السويد عند التطرق إلى الكاميرات التي نريد شراءها لمسيّراتنا، والولايات المتحدة تفعل الشيء ذاته، أنتم تقولون إنكم ستتخذون إجراءات بشأن مسألة بيع طائرات (إف-16) بعد أن يوافق عليها الكونغرس، افعلوا بشكل متزامن ومتكافل ما يتعين عليكم القيام به، وسيتخذ برلماننا القرار اللازم بشأن السويد".
إضافة 3 شروط
بدوره، أعلن رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، حليف حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، في تحالف الشعب الحاكم، عن 3 شروط أخرى، يجب تلبيتها حتى يصوّت نواب حزبه، وعددهم 50 نائبا، بالموافقة لصالح القرار، والشروط هي:
الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
موافقة إسرائيل على دفع التعويضات لغزة بعد الحرب.
موافقة أعضاء "الناتو" على محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في لاهاي.
ويُشترط لانضمام عضو جديد إلى "الناتو" قبول كل الأعضاء لهذا الانضمام، ويبقى أمام السويد لتحقيق حلمها موافقة تركيا وهنغاريا.
ورقة ضغط
يرى خبراء تحدّثوا لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الشروط الجديدة التي طالب بها أردوغان وحليفه بهتشلي، يصعب تلبيتها على الأقل في المستقبل المنظور، والبعض منها تعجيزية، ولا يمكن للسويد حتى المشاركة فيها، حيث تحاول أنقرة تحقيق أكبر فائدة ممكنة من الورقة السويدية التي في يديها قبل الذهاب للانتخابات المحلية، مارس المقبل.
المحلل السياسي التركي، هشام غوناي، يقول إن أنقرة عطلت الموافقة البرلمانية على انضمام السويد إلى "الناتو"، التي كانت مقررة في أكتوبر، وسبق للرئيس أردوغان في يوليو الماضي، ربط الموافقة على انضمام السويد إلى "الناتو" بدخول أنقرة للاتحاد الأوروبي.
وعلى هذا، يرى غوناي أن الحكومة تسعى إلى الضغط على واشنطن بالورقة السويدية لحصد مكاسب سياسية، ومنها الحصول على طائرات "إف-16"، ودفعها للضغط على إسرائيل لوقف الحرب في غزة.
ولذلك، يستبعد المحلل التركي موافقة البرلمان على انضمام السويد خلال العام الحالي، قائلا: "ربما في العام المقبل بعد الانتخابات المحلية المقررة في مارس؛ حتى تتمكن الحكومة من استعادة المدن الكبرى التي في حوزة أحزاب المعارضة"، في إشارة إلى أنقرة وإسطنبول.
لكنه يحذر من مقايضة ملف السويد بوقف حرب غزة، لأن "هذا قد يؤدي إلى ضغوط اقتصادية أميركية على أنقرة هي في غنى عنها حاليا؛ حيث تشهد أسعار صرف الليرة تراجعا أمام الدولار، وهو ما يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين، وهذا بدوره سيصعب على التحالف الحاكم الفوز بالانتخابات البلدية".
3 مطالب غير واقعية
بدورها، تقول الباحثة الأميركية في العلاقات الدولية، إيرينا تسوكرمان، إن الرئيس التركي "معروف بسياسته البراغماتية، وهو الآن يحاول مقايضة موافقة برلمان بلاده على انضمام السويد بموافقة الكونغرس على بيع مقاتلات "إف-16" الهجومية".
أما عن المطالب الثلاثة لحليفه بهتشلي، والخاصة بالصراع الدائر في غزة، فتصفها بأنها "لعبة سياسية تأتي من حليف للرئيس أردوغان، يحاول فيها رفع السقف لأعلى قدر ممكن، وهم على علم بأنها غير قابلة للتحقيق".
لكن في حال موافقة واشنطن على طلب أردوغان سيضغط على حليفه للموافقة على مشروع قرار انضمام السويد إلى "الناتو"، كما تتوقع الباحثة الأميركية.
وتلفت في ذلك إلى أنه سبق واستجابت ستوكهولم لبعض المطالب التركية، ومنها تشديد التشريعات الخاصة لمكافحة الإرهاب لطمأنة تركيا بشأن أنشطة المناصرين لحزب العمال الكردستاني المقيمين في السويد، والذي تصنّفه أنقرة على أنه جماعة إرهابية.
عملية عسيرة
بدأ البرلمان التركي في منتصف نوفمبر دراسة بروتوكول انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، المعلّق منذ مايو 2022، لكن تم تأجيل المناقشات لاحقا.
لعبت أنقرة بالورقة السويدية في السابق، في محاولة للحصول على ضوء أخضر من الولايات المتحدة لشراء طائرات "إف-16"، التي تحتاج إليها لتحديث قواتها الجوية.
لا تعارض الحكومة الأميركية هذا البيع، غير أن الكونغرس يعرقل الصفقة لأسباب أبرزها العلاقة المتوترة بين تركيا واليونان.
اتخذت أنقرة من جانبها خطوات لتحسين العلاقات مع اليونان، منها زيارة أردوغان إلى أثينا، الخميس، مع تبادُل تصريحات ودية مع المسؤولين اليونانيين بشأن إحلال السلام بينهما محل التصادُم، ورفع حجم التبادُل التجاري.
Comments