إذا كنت تريد أن تعرف، هل أنت ذكي أم لا ؟ وهل أنت موفق أم غير موفق – كتب الله لك التوفيق- وهل أنت ناجح أم فاشل؟ فانظر كيف تقضي أوقات فراغك.
كل إنسان مهما كان مشغولا بمشاغل الحياة، لديه أوقات فراغ ولكن ليس كل إنسان يستغلها استغلالاً صحيحاً يثمر ثماراً طيبة، وما كان نجاح من نجح، إلا استغلالاً صحيحاً لأوقات الفراغ، وما كان فشل من فشل إلا سوءَ استغلال أو إضاعةً لها.
ليس ثمة عمل ينجح من غير تخطيط، وأوقات الفراغ من عملك، فلذلك هي تحتاج إلى تخطيط، فخطط كيف تستغلها لصالحك ولصالح من تعرف من أهلك وأبنائك وأصدقائك، إذ لا بأس من مشاركة الآخرين أوقات فراغنا، فهي وإن كانت ملكاً لنا ننتفع به، ولكن من الخير أن نمنح من لهم حق علينا، ومن نحبهم، قسطا قليلا أو كثيراً من اهتمامنا، ومن خيرات ومنافع أوقات الفراغ، إنها كذلك على نحو ما وصفناها، إن شئت وعملت بها، وإلا فهي خسارة كبرى لك، وحسرة عليك، وانتقاض لصلاح أمرك، ومسيرة حياتك.
انظر حولك، وتدبر أمرك، هل ترى إلا عاملا أنهكه عملُه حتى أرهقَه، ويكاد يسلمه إلى مقبرة الهالكين، وهل ترى إلا عاطلاً أسقمه فراغه، فأفسد نفسه وعقله، وغادره حائراً، كاسف البال، كأنه لا يملك لنفسه شيئاً، وكذلك تفعل قسوة الزمان، وابتلاء الحياة.
لا ذلك العامل يعرف قيمة عمله، ولا ذلك العاطل يعرف قيمة فراغه، وهذا خلل فكري، أفقد الأنفس، الشعورَ بالحياة، وفلسفةُ الإيمان والحياة، التي نراها، هي معرفة نعم الله عندك، أيها الإنسان.
ولبيان هذه الفلسفة نقول: إن من يعمل، هو في نعمة، ولكنه واأسفاه، لا يعرف قيمتها، وكذلك من لا يعمل هو في نعمة ولكن لا يعرف قيمة ما يتمتع به من نعمة، وعلى هذا المثال قس، مختلَف الأمثلة والنماذج من حياة البشر المتقلبة الأحوال والشؤون.
فالغني والفقير كلاهما في نعمة، والصحيح والمريض كلاهما أيضاً في نعمة، والمتزوج والأعزب كلاهما في نعمة، ومن أنجب ومن لم ينجب في نعمة أيضاً، والمتأهل والمتغرب في نعمة، لو فهمت العقول ووعيت الحكمة والحق، ونظرت وفتشت وتفكرت حتى تعرفَ النعم من حولها، ومواضعَ مائها وظلها وثمرها، وتعرف اغتنامها.
إن المشكلة التي لا يرجى لها حل، عندما يكون الإنسان متنعما بنعمة وهو لا يعرف ولا يشعر أنه متنعم، ذلك كما قلنا خلل فكري يفقد نعيم الحياة.
نرى أن ليس الأمر يرجع إلى مسألة الطمع أو القناعة، بقدر ما يرجع إلى المعرفة، على نهج الفلسفة التي بيناها، ولا يكون الخير في شيء، كمثل كونه في المعرفة التي تنير طريقك، وتبصرك بمواضع قدمك، وأنت تسير في طرق الحياة المتشعبة والمتعرجة، أو المعوجة والشائكة أحياناً، المعرفة التي تحجز عن الارتطام بأرصفة الفتن، وما تُقلُّه من كروب وأزمات.
Comentarios