دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك اليوم الإثنين إلى تحقيق دولي في انفجار مرفأ بيروت الذي حدث في الرابع من أغسطس 2020، مندداً بغياب المساءلة في هذه القضية.
وقال تورك متحدثاً أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان "بعد ثلاثة أعوام من انفجار (مرفأ) بيروت الذي أوقع أكثر من 200 قتيل وتسبب بإصابة أكثر من سبعة آلاف بينهم أكثر من ألف طفل، لم تحصل أي مساءلة".
وأضاف "على العكس، أثيرت مخاوف عديدة في شأن تدخلات في التحقيق، على خلفية أزمة اقتصادية واجتماعية حادة وحوكمة ضعيفة، لذلك قد يكون حان وقت تشكيل بعثة دولية لتقصي الحقائق للنظر في الانتهاكات لحقوق الإنسان المرتبطة بهذه المأساة".
منذ اليوم الأول، عزت السلطات اللبنانية الانفجار إلى تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية إثر اندلاع حريق لم تعرف أسبابه، وتبين لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكناً.
مسيرة احتجاجية
وبمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لانفجار المرفأ، سار المئات من اللبنانيين يتقدمهم أهالي الضحايا ونددوا بتعطل مسار التحقيق المحلي بسبب التدخلات السياسية والقضائية في بلد تسوده ثقافة الإفلات من العقاب.
عشية تلك المسيرة، جددت منظمات، بينها "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية"، وعائلات ضحايا مطالبتها الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بدعم إنشاء بعثة دولية مستقلة ومحايدة لتقصي الحقائق.
إثر الانفجار، عينت السلطات القاضي فادي صوان محققاً عدلياً، لكن سرعان ما تمت تنحيته في فبراير 2021 إثر ادعائه على رئيس الحكومة حينها حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين بتهمة "الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة" وجرح مئات الأشخاص.
واصطدم خلفه القاضي طارق البيطار بالعراقيل ذاتها مع إعلان عزمه على استجواب دياب، تزامناً مع إطلاقه مسار الادعاء على عدد من الوزراء السابقين، بينهم نواب، وعلى مسؤولين أمنيين وعسكريين.
رفع الحصانة
وامتنع البرلمان السابق عن رفع الحصانة عن النواب المذكورين، ورفضت وزارة الداخلية منحه إذناً لاستجواب قادة أمنيين ورفضت قوى الأمن كذلك تنفيذ مذكرات توقيف أصدرها، وغرق التحقيق بعدها في متاهات السياسة، ثم في فوضى قضائية بعد أن حاصرت البيطار عشرات الدعاوى لكف يده، تقدم بغالبيتها مسؤولون مدعى عليهم.
وخلال سنتين ونصف السنة، تمكن البيطار من العمل رسمياً لقرابة ستة أشهر فقط، تعرض خلالها لضغوط أنذرت بأزمة غير مسبوقة في الجسم القضائي، خصوصاً بعد أن أحبط مدعي عام التمييز غسان عويدات محاولته استئناف التحقيقات مطلع العام الحالي.
وكان البيطار استأنف تحقيقاته في 23 يناير 2023 بعد 13 شهراً من تعليقها، وقرر الادعاء على ثمانية أشخاص جدد بينهم عويدات، وحدد مواعيد لاستجواب 13 شخصاً مدعى عليهم.
لكن عويدات تصدى له بالادعاء عليه بـ"التمرد على القضاء واغتصاب السلطة"، وأصدر منع سفر في حقه، وأطلق سراح جميع الموقوفين. إزاء ذلك، تراجع البيطار عن المضي بقراراته. من جهتها اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أن "عدم تحقيق تقدم" في التحقيق "غير مقبول" مؤكدة "ضرورة حصول إصلاح قضائي".
Comments