تترقّب مدن جنوب غزة تصعيدا إسرائيليا ضدها على غرار المدن في الشمال، فيما وُصف بأنه "تأسيس لمرحلة جديدة" من الحرب بنقل ثقلها جنوبا، والضغط على السكان أكثر للاتجاه نحو رفح على الحدود المصرية الفلسطينية.
ويرصد خبير عسكري أهداف إسرائيل من هذه "المرحلة الجديدة"، وعلاقتها بمخطّط تهجير السكان.
وقبل ساعات، أعلن كبير المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي، الأميرال دانيال هاغاري، في مؤتمر صحفي، أن القوات ستقصف الأهداف التابعة لحركة حماس أينما وجدتها، بما في ذلك جنوب قطاع غزة.
وبعدها بقليل، تحدّثت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، عن مقتل 26 فلسطينيا وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي، فجر السبت، طال شققا سكنية في مدينة خان يونس جنوب القطاع.
كما استهدفت غارات إسرائيلية منزلا شرق رفح، مما أدى إلى مقتل عدد من الأشخاص نقلوا إلى مستشفى النجار.
بالتوازي، يُواصل الجيش الإسرائيلي مطالبته لسكان جنوب غزة بمغادرة منازلهم، في إشارة لتوسيع توغّله البري ليصل إلى هناك، مما يعني ضغطا إضافيا على السكان للمغادرة.
"الخدعة"
يصف الخبير العسكري اللواء ماجد القيسي، مدير برنامج الأمن والدفاع في مركز صُنع السياسات الدولية، إعلان إسرائيل في السابق أن هدفها هو شمال غزة بأنه "خدعة"؛ لأنها "تريد أن تشمل العمليات كل القطاع، من شماله إلى الحدود المصرية جنوبا".
وبعيدا عمّا توحي به تل أبيب بأن هدفها من قصف جنوب غزة هو تتبع مسلّحي عناصر حركة حماس، والوصول إلى الرهائن الذين ربما تنقلهم الحركة إلى هناك، يحدّد القيسي ما يراها الأهداف الحقيقية من نقل ثقل العمليات إلى جنوب غزة:
بعد فشلها في تحقيق إنجاز عسكري في شمال القطاع، تريد إسرائيل أن تؤسّس لمرحلة جديدة، تفتح فيها جبهة في مدينة خان يونس؛ لتشتيت حركة حماس ودفعها للقتال على محورَي بيت لاهيا شمالا وخان يونس جنوبا.
قصف خان يونس يخفّف الضغوط على الجيش الإسرائيلي، ويعزل دير البلح عن خان يونس، مثلما تم عزل غزة عن دير البلح.
محاولة التأثير على السكان في هذه المنطقة التي أصبحت مكتظةً بالسكان النازحين من شمال القطاع، وإجبارهم على النزوح أكثر إلى الجنوب باتجاه رفح.
في هذا الاتجاه، من المتوقّع أن يتعرّض مستشفى ناصر الموجود في خان يونس لما تعرّض له مستشفى الشفاء؛ لأنه من المستشفيات الكبيرة ويوجد به نازحون.
يحاول الجيش الإسرائيلي تحقيق إنجاز عسكري على الأرض وتسويقه للرأي العام الداخلي الذي لم يعد مقتنعا بتحقيق أي انتصارات.
"لن ننظّف وراء إسرائيل"
من جانبه، جدّد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، السبت، رفض بلاده لخطة إسرائيل لتهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن.
قال الصفدي، خلال قمة "حوار المنامة" التي عقدها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين، إن الحرب الإسرائيلية ستجلب كارثة، ليس فقط على غزة، لكن على المنطقة.
وفي حديثه قبل القمة، ذكر الصفدي أن الحكومة الإسرائيلية تهدف على ما يبدو لطرد الفلسطينيين من غزة، وهو ما يشكّل تهديدا مباشرا للأمن القومي في الأردن ومصر، مشيرا إلى أن الإسرائيليين يقولون منذ سنوات إن الطريقة الوحيدة للمضي قدما هي طرد الفلسطينيين من أرض أجدادهم.
لكن بعد الحرب، يتابع الصفدي، فإن الدول العربية لن تأتي وتنظّف الفوضى بعد إسرائيل، مؤكدا أنه لن يتم إرسال قوات عربية إلى غزة.
وجرى الأيام السابقة، تداوُل اقتراحات إسرائيلية وأميركية بأن تُرسل دول مجاورة لغزة قوات عربية لحفظ الأمن في القطاع؛ وضمان عدم عودة الفصائل الفلسطينية المسلّحة للعمل مرة أخرى.
رفض داخلي لنتنياهو
يتزامَن توسيع العملية العسكرية إلى جنوب غزة مع زيادة الضغوط الداخلية على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيث أظهر استطلاع جديد للرأي، أن غالبية الإسرائيليين لا تريد نتنياهو، الذي تتعالى الأصوات المطالبة بعزله.
وفي الاستطلاع الذي نشرت نتائجه صحيفة "معاريف" بالتعاون مع مركز "لازار" للأبحاث، الجمعة، بشأن من الأفضل أفضل لرئاسة الحكومة، نتنياهو أم الوزير بحكومة الحرب، بيني غانتس، كانت النتائج على النحو التالي:
بيني غانتس 50 بالمئة.
نتنياهو 29 بالمئة.
أجاب 21 بالمئة بأنهم لا يعرفون.
كما أظهر الاستطلاع، تراجُع حزب "الليكود" الذي يتزعمه نتنياهو، إلى 17 مقعدا في الكنيست (البرلمان)، بعد أن كان 18 مقعدا في الانتخابات الأخيرة.
في المقابل، حصل حزب غانتس، وهو وزير دفاع سابق، على 42 مقعدا في الاستطلاع، وهو رقم قياسي منذ تشكيله.
Comments