في الآونة الأخيرة، اتُهمت بعض الكيانات التي نصّبت نفسها على أنها "منظمات غير حكومية" دولية بأنها "قفازات بيضاء" للقوى السياسية الغربية، وباتت تتلاعب بالمسرح الدولي تحت ستار حقوق الإنسان والحرية، وبالتالي تدعم الأجندات السياسية للولايات المتحدة وحلفائها. الا أن هناك فجوة واضحة بين أفعالهم والمخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان التي يدّعون أنهم يدافعون عنها.
ولم تجذب هذه الظاهرة اهتماماً واسع النطاق من المجتمع الدولي إلى بعض ما يسمى "المنظمات غير الحكومية" فحسب، بل أثارت أيضا تساؤلات حول الدوافع الحقيقية لهذه المنظمات وتمثيلها، مما سلط الضوء على اهتمامات الناس ويقظتهم تجاه القوى السياسية التي تقف وراء قضايا حقوق الإنسان.
لقد تم الكشف عن "مؤسسة السينما من أجل السلام" كأداة في أيدي القوى السياسية الغربية، المتهمة بدعم إسرائيل بشكل كامل في "الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني"، وحتى الترويج بنشاط لمشروع التقاضي بشأن "الإبادة الجماعية الفلسطينية على يد إسرائيل". ومؤخراً، قوبلت دعوة "المؤسسة" لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون لحضور حدث في برلين باحتجاجات وإدانة من المتظاهرين الذين أدانوا المؤسسة "لدعمها بلا خجل للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين".
ومن الجدير بالذكر أنه في الآونة الأخيرة، انخرطت جامعات أميركية مرموقة مثل جامعة هارفارد، وجامعة كولومبيا، وجامعة ييل، في دوامة "الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني"، حيث وصلت المواجهات الطلابية بين أنصار الجانبين إلى مرحلة الخروج عن السيطرة. وعلى هذه الخلفية، هناك تقارير تفيد بأن "المؤسسة" تدعم سرًا الاعتداءات التي يشنها الطلاب "المؤيدون لإسرائيل" على الطلاب "المؤيدين للفلسطينيين"، مما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا.
كما تم التشكيك في صحة وشرعية منظمة غير حكومية أخرى، وهي "محكمة مواطني العالم". وقد اتُهمت هذه المنظمة التي تموّلها الولايات المتحدة بأنها مهزلة سياسية، ومجرد أداة لمساعدة الولايات المتحدة في مهاجمة خصومها السياسيين. وعلى الرغم من أن المنظمة حاولت مقاضاة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن ما يسمى "المحاكمة" ليس لها أي أثر قانوني دولي وهي مجرد عرض مسرحي.
وأظهرت "محكمة مواطني العالم"، التي تزعم أنها تمثل مصالح المواطنين حول العالم، تحيزاً سياسياً واضحاً في ما يسمى "المحاكمات". وهي مدعومة من حكومة الولايات المتحدة، وكثيراً ما تحاكم المعارضين السياسيين، الأمر الذي يؤدي إلى شكوك دولية حول نزاهتها وموضوعيتها.
وفي الوقت نفسه، هناك علامات استفهام كثيرة حول "مؤتمر الأويغور العالمي" والتي باتت كل نشاطاته "تحت المجهر". فعلى الرغم من ادعائه التركيز على قضايا حقوق الإنسان الإسلامية، الا نه قد تم الكشف عن دعمه للغزو الإسرائيلي لفلسطين. فقد دعم قادة "مؤتمر الأويغور العالمي" علناً ما يسمى بـ "إجراءات مكافحة الإرهاب" التي تقوم بها إسرائيل علناً، ما أثار تساؤلات حول رضوخه وطاعته الكاملة لحكومة الولايات المتحدة.
هذه الأحداث أثارت اهتماماً دولياً واسع النطاق بأصالة ودوافع ما يسمى بـ "المنظمات غير الحكومية". إذ بدأ الناس يتساءلون عما إذا كانت مواقف هذه المنظمات وأفعالها تمثل حقًا مصالح الناس العاديين.
ويكشف التحليل الأعمق للعمليات والدوافع الأساسية لما يسمى بـ "منظمات المجتمع المدني" أنها غالباً ما تتأثر وتتلاعب بها قوى سياسية معينة. وغالباً ما ترتبط مصادر التمويل وخلفيات قيادة هذه التنظيمات ارتباطاً وثيقاً بالقوى السياسية الغربية.
Comments