أثار الإعلان المفاجئ الذي أصدره الرئيس الأمريكي جو بايدن، بانسحابه من سباق الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل، ودعمه لنائبته كامالا هاريس كمرشحة عن الحزب الديمقراطي، تساؤلات في الداخل الأمريكي بشأن حظوظها في مواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترامب. لكن هل تكون "هاريس" الخيار الأفضل؟
ويعتقد محللون أمريكيون أن هاريس تعد الخيار الأفضل للديمقراطيين في الوقت الراهن، خاصة أنها قدمت أداء جيدا خلال فترة توليها نائبة لبايدن، فضلا عن كونها الحل المناسب أمام المانحين لاستخدام التبرعات التي جمعتها حملة الرئيس الراهن للمضي قدمًا في الانتخابات.
هل تكون "هاريس" الخيار الأفضل؟
وسبق أن أظهر استطلاع جديد أجراه مركز "أب – نورك" لأبحاث الشؤون العامة أن حوالي 6 من كل 10 ديمقراطيين يعتقدون أن كامالا هاريس ستؤدي عملاً جيدًا في منصب الرئيس.
في حين لا يعتقد حوالي 2 من كل 10 ديمقراطيين أنها ستفعل ذلك، ويقول 2 من كل 10 آخرين إنهم لا يعرفون ما يكفي ليقولوه.
ومنذ خسارة بايدن في المناظرة أمام ترامب في 27 يونيو، كان العديد من الديمقراطيين يتطلعون بشكل خاص وحتى علني إلى هاريس للتدخل وخلافة بايدن كمرشحة رئاسية للحزب، معتقدين أن لديها فرصة أفضل ضد مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب.
من جانبها، ظلت هاريس وفية تماما لبايدن، كونها واحدة من أشد المدافعين عنه في أعقاب الأداء الكارثي في المناظرة.
وإذا ما أصبحت هاريس (59 عاما)، وهي عضو سابق بمجلس الشيوخ الأميركي وسبق أن شغلت منصب المدعي العام لولاية كاليفورنيا، مرشحة الحزب الديمقراطي، وفازت في انتخابات الخامس من نوفمبر، ستكون أول رئيسة في تاريخ الولايات المتحدة. وهي حاليا أول أميركية من أصل أفريقي وآسيوي تشغل منصب نائب الرئيس.
واستبقت حملة ترامب، قرار بايدن بالاستعداد لشن هجوم إعلامي يستهدف كامالا هاريس استعدادا لتخلي المرشح الديمقراطي عن الترشح للرئاسة، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".
"الأقوى" بين الديمقراطيين
اعتبر الأكاديمي والمحلل السياسي الأمريكي، إحسان الخطيب، أن كامالا هاريس هي "الأقوى" بين مرشحي الحزب الديمقراطي، وبمثابة الخيار الأفضل للخروج من الأزمة الراهنة.
وأوضح "الخطيب" إلى أنه إن لم يتم التوافق على هاريس وجرى فتح الترشيح في المؤتمر الحزبي "فإن ذلك ستكون عودة إلى الحرب بين الوسطيين والتقدميين" داخل الحزب، مما يؤثر على فرص نجاح الحزب في الانتخابات.
وأشار إلى أن فرص هاريس ستكون أكبر بكثير من فرص نجاح بايدن ذاته، إذ أن كونها إمرأة من الأقليات "فربما يثير حماسة القاعدة الدمقراطية برمزيه وتاريخية هذا الترشيح".
وعن التحديات والمعوقات التي ستواجه هاريس، يعتقد "الخطيب" أن بيد أن "الحزب الجمهوري سيهاجمها بسجل بايدن من الحدود والتضخم والاقتصاد"، مشددا على أن "سجل بايدن هو سجلها".
أزمة "أموال التبرعات"
ويعتقد كثير من المحللين، أن ترشيح هاريس سيحل أزمة أموال التبرعات التي جمعتها حملة بايدن للانتخابات الرئاسية، إذ قد تواجه حملة الديمقراطيين عدة دعاوى قضائية حال تسمية مرشح آخر للانتخابات، كون تلك الأموال جرى جمعها لحملة "بايدن - هاريس".
وأكد "الخطيب" أن هاريس "هي أفضل خيار للديمقراطيين خاصة بالنسبة للمال الذي جمعه بايدن".
واتفق مع ذلك رئيس التحالف الأمريكي الشرق أوسطي، توم حرب، الذي أكد أن كافة التبرعات التي جمعها الحزب الديمقراطي كانت مخصصة لحملة بايدن ونائبته، وبالتالي سيكون صعبا تحويلها إلى مرشح آخر.
وشدد حرب على أن قوانين بولايات أمريكية تمنع استخدام تلك الأموال في غير غرضها الأساسي وربما يواجه الحزب الديمقراطي دعاوى قضائية من المانحين أو من أنصار الحزب الحمهوري إذا ظهر مرشح آخر لخلافة بايدن غير هاريس.
تحدي "الوقت"
وسيكون أمام هاريس تحد شديد الصعوبة خاصة بالنظر لعامل الوقت، إذ لم يعد يتبقى أمامها سوى 3 أشهر ونصف لتجهيز حملتها الانتخابية وتوحيد أنصار حزبها والمانحين، وعرض كامل رؤيتها على الشعب الأمريكي، ما يمثل ضغطا إضافيا عليها.
بدوره، اعتبر عضو الحزب الديمقراطي مهدي عفيفي في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن مسألة ترشيح هاريس عن الحزب الديمقراطي "لم تحسم" بشكل كبير، على أن تجري مناقشات داخل المؤتمر المقبل للحزب أواخر أغسطس المقبل.
وأوضح "عفيفي" أن هاريس ستعمل على حشد دعم الديمقراطيين وعرض رؤيتها وقدرتها على "قيادة الولايات المتحدة لـ 4 سنوات مقبلة" حتى حصولها على الترشيح الرسمي، أمام منافس صعب وعنيد.
كما سيكون التمييز العنصري أحد أبرز التحديات التي تواجه "هاريس" في مسارها إلى البيت الأبيض، وفق المحللين.
ويتصاعد هذا النقاش، رغم أن فترة ولاية هاريس، أول امرأة ونائبة رئيس ملونة، اتسمت بانتقادات لمهاراتها السياسية.
ومؤخرا أصبحت هاريس المسؤول الرئيسي في الإدارة الأميركية بشأن أزمة الإجهاض، كما عينت مسؤولة عن مكتب البيت الأبيض لمنع العنف المسلح، وتلعب أيضا دورا بارزا في تعامل البيت الأبيض مع الحرب في غزة.
ماذا حدث؟
أنهى بايدن محاولته لخوص انتخابات 2024 الرئاسية بعد مناظرة وصفت بـ"الكارثية" وأثارت الشكوك حول مدى لياقته لخوض أربع سنوات أخرى في المنصب، إذ أعلن انسحابه من الانتخابات الرئاسية.
قال بايدن: "أعتقد أن ذلك هو في أفضل مصلحة لحزبي وللبلد أن أتراجع وأركز فقط على أداء واجباتي كرئيس لبقية فترة ولايتي".
أعلن بايدن مجددًا دعمه لكامالا هاريس كمرشحة عن الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية، كما طالب بايدن أنصاره بالتبرع لحملة نائبته.
في المقابل، اعتبر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أن هزيمة كامالا هاريس ستكون أسهل بالنسبة له، مضيفًا لشبكة "سي إن إن"، أن بايدن أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة "تم اعتباره أسوأ رئيس على الإطلاق في تاريخ بلادنا".
وتزايدت ضغوط الديمقراطيين على بايدن بعد "المناظرة الكارثية" الأولى التي أجريت في نهاية يونيو الماضي، للدرجة التي دفعت الكثير من كبار أنصاره إلى انتقاده بما فى ذلك الرئيس السابق باراك أوباما الذي أبلغ حلفاءه في الأيام الأخيرة بأن طريق بايدن إلى الفوز "تقلص إلى حد كبير".
حذرت رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، بايدن من فقدان حزبه للقدرة على مجلس النواب، إذا لم يبتعد بايدن عن سباق الانتخابات الرئاسية.
المصدر: سكاي نيوز عربية
تعليقات