شينخوا - يشكل منتدى التعاون الصيني العربي قوة دافعة لتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية، ومنصة شاملة وفعالة للحوار والتعاون بين الصين والدول العربية، التي شهدت العلاقات الثنائية بينهما "قفزة كبيرة" منذ تأسيس المنتدى قبل 20 عاما.
ومن المقرر انعقاد الإجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي غدا (الخميس) في بكين، بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ وقادة مصر والإمارات والبحرين وتونس.
تأسيس المنتدى
في 30 يناير 2004، أعلنت الصين وجامعة الدول العربية بشكل مشترك عن تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي، وهو قرار استراتيجي اتخذته الصين والدول العربية انطلاقا من التطور طويل الأمد للعلاقات الثنائية، وفقا لبيان من السفارة الصينية بالقاهرة.
وفي 14 سبتمبر 2004، عقدت الدورة الأولى للاجتماع الوزاري للمنتدى في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، الأمر الذي رمز إلى تفعيل المنتدى بشكل رسمي، بهدف تعزيز الحوار والتعاون بين الصين والدول العربية وتدعيم السلام والتنمية.
وخلال عقدين من تأسيس المنتدى، تم إنشاء 19 آلية للتعاون بين الجانبين في إطار المنتدى، تغطي مجالات واسعة النطاق مثل السياسة والاقتصاد والتجارة والطاقة والثقافة والصحة وغيرها.
وحتى العام 2024، أصدر المنتدى 85 وثيقة ختامية، وأصبح أداة فعالة لإثراء علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية ومنصة مهمة للحوار ودعم التعاون العملي بين الجانبين.
ولم تقتصر الاجتماعات في إطار المنتدى على كبار المسؤولين والوزراء من الجانبين، ففي ديسمبر 2022 عقدت القمة الصينية العربية الأولى في الرياض بنجاح، بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ وقادة الدول العربية، الذين اتفقوا بالإجماع على العمل على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد.
إنجازات المنتدى
على مدى 20 عاما، حققت العلاقات الصينية العربية قفزة كبيرة في إطار المنتدى، ففي الدورة الأولى للاجتماع الوزاري للمنتدى في العام 2004 اتفقت الصين وجامعة الدول العربية على إقامة "علاقات الشراكة" القائمة على المساواة والتعاون الشامل، وفي الدورة الرابعة للاجتماع الوزاري في 2010، أعلن الجانبان عن إقامة "علاقات التعاون الاستراتيجي" الصينية العربية، وفي الدورة الثامنة في 2018 تم الارتقاء بالعلاقات إلى "علاقات الشراكة الاستراتيجية" الصينية العربية.
ولغاية اليوم، تم إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين و4 دول عربية هي مصر والجزائر والسعودية والإمارات، وعلاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين و10 دول عربية هي قطر والعراق والأردن والسودان والمغرب وعمان وجيبوتي والكويت وفلسطين وسوريا.
وانضمت 13 دولة عربية إلى "مجموعة الأصدقاء لمبادرة التنمية العالمية"، وأصبحت 3 دول عربية أعضاء بآلية البريكس، و6 دول عربية شركاء الحوار لمنظمة شانغهاي للتعاون.
وتعد جامعة الدول العربية أول منظمة إقليمية في العالم وقعت مع الصين على وثيقة التعاون بشأن بناء "الحزام والطريق"، وكذلك وثيقة بشأن تطبيق مبادرة الحضارة العالمية، بالإضافة إلى وثيقة التعاون بشأن تأسيس الرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية.
وتبنى مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية قرارات صديقة للصين 44 مرة متتالية حتى اليوم، أكد فيها على أن الدول العربية تلتزم بمبدأ صين واحدة، وتدعم مبادرة الحزام والطريق.
وعلى الصعيد الاقتصادي، زاد حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية عشرة أضعاف منذ تأسيس المنتدى، حيث ارتفع من 36.7 مليار دولار في 2004 إلى 398.1 مليار دولار في 2023، وأصبحت الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية لسنوات عديدة متتالية.
ولغاية نهاية نوفمبر 2023، وفر بنك التنمية الصيني دعما لـ 99 مشروعا في الدول العربية من خلال إصدار قروض بقيمة 17.189 مليار دولار.
ووقع بنك الشعب الصيني اتفاقيات ثنائية لمبادلة العملات المحلية مع البنوك المركزية السعودية والمصرية والإماراتية، كما أصبحت 17 دولة عربية أعضاء ببنك آسيا للاستثمار في البنية التحتية.
ثقافيا، فقد تم حتى نهاية 2023 إدراج اللغة الصينية في المناهج الدراسية الوطنية بشكل رسمي في 6 دول عربية، هي مصر والإمارات والسعودية وفلسطين وتونس وجيبوتي، وقامت الصين بإنشاء 21 معهد كونفوشيوس وفصلي كونفوشيوس بالتعاون مع 13 دولة عربية.
آفاق رحبة
وقالت الوزيرة المفوضة هالة جاد مديرة إدارة المعلومات والتوثيق بجامعة الدول العربية إن تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي في العام 2004 وإنجاز أعماله حتى الآن "هذا في حد ذاته إنجاز كبير".
وأوضحت جاد في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن المنتدى حقق إنجازات كبيرة جدا في مختلف المجالات السياسية والاستراتيجية، وكذلك في القضايا المختلفة ومنها القضية الفلسطينية، وأيضا في العلاقات بين الجانبين العربي والصيني التي تقوم على مبدأ الكل رابح.
ووفقا للمسؤولة العربية، فقد كان آخر هذه الإنجازات التوقيع في بداية هذا العام على إنشاء الرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية.
وأضافت أن الصين تدعم كل القضايا العربية ومن بينها القضية الفلسطينية، كما أن الدول العربية تدعم مبدأ صين واحدة بشكل دائم.
ووصفت الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي المقرر عقده غدا في بكين بأنه سيكون اجتماعا مهما لأنه يتزامن مع مناسبات عديدة، أولها: مرور 20 عاما على تأسيس المنتدى، وثانيا: مرور 10 سنوات على الخطة التنموية العشرية للمنتدى خلال الفترة 2014 - 2024.
وتابعت "أعتقد أنه سيكون هناك زخم كبير جدا لهذا الاجتماع في بكين"، وأكدت أن "هناك آفاقا رحبة للتعاون بين الجانبين العربي والصيني في إطار المنتدى، خاصة في مجالات الاستثمار والتجارة".
وأشارت إلى أن جامعة الدول العربية تشعر بالرضا عن مستوى العلاقات مع الصين، خاصة أن هناك حوارا سياسيا واستراتيجيا مهم جدا بين الجانبين، ودعما متبادلا في المحافل الدولية بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك.
بدوره، اعتبر الخبير في الشأن الصيني أحمد سلام أن منتدى التعاون الصيني العربي آلية مهمة ومنصة شاملة وفعالة لتعزيز التعاون متعدد الأوجه بين الصين والدول العربية.
وقال سلام، وهو المستشار الإعلامي المصري السابق ببكين، لـ((شينخوا)) إنه بعد مرور 20 عاما على إنشاء المنتدى، نجد أن الأهداف المباشرة وطويلة الأمد للمنتدى تتحقق بالفعل على أرض الواقع.
وأضاف أن الأرقام الخاصة بحجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية وحجم الاستثمارات الصينية في المنطقة العربية تؤكد تطور العلاقات الصينية العربية منذ إنشاء المنتدى، وتوضح أن الصين تلعب دورا مهما في مساعدة الدول العربية على بناء قدراتها وتوطين التكنولوجيا وتنفيذ الخطط التنموية.
وتابع الخبير المصري أن المنتدى يوفر مساحة للحوار السياسي والاستراتيجي بين الصين والدول العربية، مما يعزز التفاهم المتبادل.
وأشار إلى أن المنتدى يعزز التواصل الشعبي والتعاون الثقافي من خلال تنظيم الفعاليات الثقافية والتعليمية المشتركة، ويشجع على تبادل الخبرات في المجالات العلمية والتكنولوجية.
ورأى أن العلاقات الصينية العربية شهدت طفرة واضحة ونقله كبيرة منذ تأسيس المنتدى، الذي جاء في وقت رغبت الدول العربية في الاتجاه شرقا، ونوه بأن آليات التعاون التي تم إنشاؤها في إطار المنتدى شملت مختلف المجالات، وحجم التبادل التجاري بين البلدين زاد عشرة أضعاف.
وأشار إلى أن المنتدى يوفر فرصا كبيرة لتطوير العلاقات بين الصين والدول العربية، من خلال التعاون البناء لمواجهة التحديات واستغلال الفرص المتاحة لتحقيق التنمية.
Comments