يواصل الدولار الأمريكي مكاسبه القوية في الأسابيع الأخيرة، متجاهلاً التكهنات بشأن تراجع مكانته عالمياً مع مساعي بعض الدول لخفض الاعتماد عليه.
واستفادت العملة الأمريكية من الأداء القوي للاقتصاد الأكبر في العالم، والتوقعات بشأن استمرار معدلات الفائدة المرتفعة لفترة طويلة.
مكاسب ملحوظة للدولار
- لامس مؤشر الدولار -يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية- أعلى مستوياته في 6 أشهر خلال الأسبوع الماضي.
- أنهت العملة الأمريكية تعاملات الأسبوع الماضي عند مستوى 105.2 نقطة، لتظل قريباً من أعلى مستوياتها منذ مارس عند 105.34 نقطة والذي سجلته في وقت سابق من الأسبوع السابق.
- حقق مؤشر الدولار ارتفاعًا طوال تسعة أسابيع متتالية، في أطول موجة مكاسب أسبوعية منذ عام 2014.
- نجح الدولار في التعافي من القاع المسجل في منتصف يوليو الماضي أدنى 100 نقطة، ليصعد بأكثر من 5% منذ ذلك الوقت.
- منذ بداية العام الجاري، شهدت العملة الأمريكية ارتفاعًا بنحو 2% مقابل سلة من ست عملات رئيسية.
- صعود مؤشر الدولار جاء مع ارتفاع العملة الأمريكية مقابل الين الياباني لأعلى مستوى في 10 أشهر، ليعادل الدولار الواحد 147.8 ين بنهاية الأسبوع الماضي.
- كما ارتفع الدولار أمام اليورو لأعلى مستوى في نحو 6 أشهر عند 1.0629 دولار في وقت سابق من الأسبوع الماضي.
ماذا وراء الصعود؟
- جاء صعود الدولار بدعم الأداء القوي للاقتصاد الأمريكي، بالإضافة إلى الاستفادة من ضعف الاقتصادات الكبرى الأخرى بقيادة أوروبا والصين.
- تشير البيانات الاقتصادية الأخيرة إلى استمرار قوة النشاط الاقتصادي الأمريكي وتحسن معنويات المستثمرين مع مواصلة سوق العمل الأداء القوي.
- كما يستفيد الدولار من فجوة مسار السياسة النقدية بين الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنوك أخرى مثل المركزي الأوروبي وبنك اليابان وغيرها.
- يرى "جويل كروجر" استراتيجي العملات في مجموعة "إل إم إيه إكس" أن تركيز أسواق العملات ينصب على الاختلاف بين خطط السياسة النقدية للمركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي.
- رفع المركزي الأوروبي في الأسبوع الماضي معدلات الفائدة في منطقة اليورو لمستوى قياسي جديد عند 4%، لكنه ألمح إلى نهاية دورة التشديد النقدي.
- بينما لا تزال الأسواق تتوقع احتمالية لوجود عملية زيادة إضافية للفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي في العام الحالي، مع حقيقة أن نطاق الفائدة الحالي بين 5.25% و5.50%.
- تشير توقعات أداة "فيد واتش" إلى أن الفيدرالي سيثبت معدلات الفائدة دون تغيير في اجتماع العشرين من سبتمبر الحالي، لكنه قد يلمح إلى استمرار الحاجة لتشديد السياسة النقدية لاحقًا.
- الدولار استفاد أيضًا من استمرار السياسة التيسيرية من بنك اليابان، حيث يحافظ البنك على معدلات الفائدة السالبة الوحيدة في العالم حالياً عند -0.10%.
- قال " كروجر": "إذا كنا نتجه إلى استمرار الضغط على الفيدرالي لرفع الفائدة مجددًا، في الوقت الذي تقوم فيه البنوك المركزية الأخرى بتسعير الوصول لذروة الفائدة لديها، فإن ذلك قد يشير إلى إمكانية لمزيد من الصعود للدولار الأمريكي".
- كما يستفيد الدولار من استمرار ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، حيث صعد العائد على السندات لأجل عامين أعلى 5% للمرة الأولى منذ عام 2008.
ماذا يعني الدولار القوي؟
- يمثل ارتفاع الدولار عادة تطورًا سيئاً للاقتصاد العالمي والأسواق المالية والشركات الأمريكية.
- أشارت دراسة حديثة لصندوق النقد الدولي إلى أن ارتفاع الدولار الأمريكي بنسبة 10% يتسبب في هبوط الناتج المحلي الإجمالي لاقتصادات الأسواق الناشئة بنحو 1.9% بعد عام واحد، مع استمرار الأثر السلبي لعامين ونصف.
- يظهر أثر ارتفاع الدولار على الأسواق الناشئة عبر تراجع أحجام التجارة بشكل أكثر حدة، وانخفاض الائتمان المتاح، وتراجع تدفقات رؤوس الأموال، وتشديد السياسة النقدية، وهبوط أسواق الأسهم.
- فيما يتعلق بالأسواق، يشكل صعود العملة الأمريكية ضغطاً على السلع الأساسية مثل الذهب والنفط، حيث ترتفع تكلفة شرائها بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.
- كما يضر الدولار القوي بأرباح الشركات الأمريكية التي تقوم بأعمال خارج الولايات المتحدة.
- قالت شركة "آبل" التي تحصل على 60% من إيراداتها من خارج الولايات المتحدة، إن الدولار القوي خفّض مبيعاتها في الربع الأخير.
- كما ذكرت شركة "ديزني" أنها تتوقع هبوطاً لعدد زوار المتنزهات الدولية التابعة لها، بينما أشارت "نايكي" إلى أنها تتوقع تأثيراً سلبياً لأسعار الصرف على إجمالي المبيعات.
- بشكل عام، تتوقع الشركات المدرجة في مؤشر "إس آند بي 500" والتي تحقق أكثر من نصف إيراداتها من خارج الولايات المتحدة تراجعًا في الأرباح بنحو 18% في الربع الحالي، مقابل توقعات بزيادة 4% في أرباح الشركات التي تتواجد معظم أعمالها داخل الولايات المتحدة.
هل يستمر الصعود؟
- تتصاعد التوقعات بشأن استمرار قوة الدولار الأمريكي خلال الفترة المقبلة، مع تفوق مسار السياسة النقدية والأداء الاقتصادي مقارنة بالاقتصادات الكبرى الأخرى.
- تحولت صناديق التحوط للمراهنة على ارتفاع الدولار الأمريكي للمرة الأولى منذ شهر مارس الماضي.
- واحتفظت صناديق التحوط ذات الرافعة المالية التي تعتمد على الاقتراض وغيرها من الكيانات بإجمالي 18 ألف مركز شراء أو دائن للدولار في الأسبوع المنتهي في الثاني عشر من سبتمبر.
- قال محللو "ساكسو بنك" إن تسعير الأسواق لاحتمالية تقارب 40% لرفع الفائدة الأمريكية مجددًا هذا العام، بالإضافة إلى الحديث عن إبقائها عند مستويات مرتفعة لفترة طويلة من الوقت يقدمان الدعم لمواصلة الدولار مكاسبه خلال الفترة القادمة.
- راجع بنك "إتش إس بي سي" تقديراته لأداء الدولار، متوقعاً استمرار قوة العملة الأمريكية خلال العام المقبل.
- يعتقد البنك أن الدولار سوف يستفيد من ضعف النمو الاقتصادي في أوروبا والصين، ما سيضغط على الإقبال على المخاطرة وسيدعم الطلب على الأصول المرتبطة بالاقتصاد الأمريكي.
- يرى "إتش إس بي سي" أن الدولار سيرتفع أمام اليورو إلى مستوى 1.03 دولار في الربع الأول من العام المقبل، مقابل تقديرات سابقة عند 1.15 دولار، كما قد يصل مقابل الين عند 148 يناً من 132 يناً في التقديرات السابقة.
- ترى شركة الأبحاث "إي إن جي" أن مؤشر الدولار يجب أن يجد الدعم القوي أدنى 105 نقاط.
المصادر: أرقام – رويترز – بلومبرج – إي إن جي – بارونز – وول ستريت جورنال – سي إن إن
Kommentare